دعا الأديب بهاء طاهر إلى إحداث إصلاح داخلى فى جهاز الشرطة، بأن يتولى أمرها رجل مؤمن بحقوق الإنسان، وحرية التعبير لينقل هذه القيم إلى من يليه وهكذا، موضحاً أن القيادة القدوة هى الهدف المنشود فى المرحلة المقبلة، كما دعا إلى تفعيل شعار «الشرطة فى خدمة الشعب»، وأن ينشر كثقافة عامة، ضاربا المثل بما رآه فى بلدان يؤدى أفراد الأمن فيها التحية العسكرية للمواطنين فى الشوارع، مطالبا بأن يحصلوا على رواتب كافية تكفل لهم العيش الكريم .
وشدد «طاهر» على أهمية تغيير الزى الرسمى للشرطة كإجراء رمزى يفيد فى تغيير الصورة الذهنية السيئة التى ترسخت لدى المواطنين فى الفترة السابقة، معتبراً أن أى إجراء فى هذا السياق من شأنه تحسين العلاقة بين الطرفين، لأن الشرطة جهاز لا يمكن الاستغناء عنه، رغم الدور الجيد الذى قامت به لجان الحماية الشعبية.
قال عبدالفتاح عمر، مساعد أول وزير الداخلية الأسبق،: «عاصرت عدة شعارات للشرطة، منها (الشرطة فى خدمة الشعب)، الذى رفعه شعراوى جمعة، ثم (الشرطة فى خدمة القانون)، الذى رفعه حسن الألفى، ثم جاء حبيب العادلى ليرفع الشعار الجديد (الشرطة والشعب فى خدمة الوطن)، وهو ما وسع الفجوة بين المواطن ورجل الأمن».
وفسر عمر الشعارات المتباينة بأن «الشرطة فى خدمة الشعب» يعنى أنها هيئة نظامية مدنية معنية بحفظ الأمن والنظام الداخلى، وهو ما يعنى تأمين المجتمع والمشاركة فى تنظيمه بأسلوب مدنى عسكرى، من خلاله يصبح الشعب مساعدا فى إتمام هذه الرسالة، أما «الشرطة فى خدمة القانون» فهو شعار صاحب الفترة التى صار الضباط فيها يفتشون البيوت والأفراد دون إذن نيابة، مؤمنين بنظرية أن كل شىء متاح لتحقيق العدالة، وفى حالة العثور على ممنوعات يقوم الضابط بالحصول على إذن نيابة، يقنن من خلاله الوضع الخاطئ الذى ارتكبه.
وأضاف عمر: «ما حدث فى ثورة ٢٥ يناير، جعل رجال الشرطة يصابون بعقد نفسية تشبه تلك التى أصابت ضباط الجيش عقب نكسة ٦٧، وصار الناس يطلقون عليهم النكات ويطاردونهم فى الشارع، رغم أن الشرطة هى المؤسسة الأمنية التى لو سقطت يسقط النظام الحاكم، وهو ما حدث فى مصر، ولا يعنى هذا أنها موجودة لخدمة النظام، وإنما لخدمة المجتمع، الذى بدوره يبقى النظام أو يتخلص منه، وعلى المصريين الآن أن يتحلوا بالتسامح وأن يعملوا على رفع الروح المعنوية لأفراد الشرطة، لأن ما حدث من انسحاب مفاجئ لا دخل لهم به، وإنما مكيدة ستثبت التحقيقات كيف حدثت ولماذا».
واستبعد عمر أن يعود أفراد الشرطة إلى سلوكهم السابق فى التعامل مع المواطنين، لأن نجاح ثورة ٢٥ يناير معناه أن مخالفة القانون والشرعية ستجعل هذا السلوك نشازا يستوجب المحاكمة والمساءلة الفورية، خاصة بعدما أصبح المواطن المصرى قادراً على انتزاع حقوقه، فالشعب الذى «خلع» مبارك ونظامه ومعاونيه، يستطيع تغيير أى سلوك شاذ من أى مسؤول مهما علا منصبه.
وقال منصور العيسوى، مدير أمن القاهرة الأسبق، إن التغيير يجب أن يبدأ من ضابط القسم، لأنه المحطة الأولى التى يحتك فيها المواطن مع فرد الأمن، مطالباً بالفصل بين الأمن السياسى والأمن الجنائى، لأن كل مساوئ الأمن السياسى تطال الأمن الجنائى، وفى حالة تطبيق هذا الفصل، فإن ٩٠% من مشاكل الشرطة مع المواطنين سوف تنتهى، مشدداً على ضرورة توعية الضباط بكيفية التعامل مع الباعة الجائلين ومع المتسولين والمواطنين وجميع فئات الشعب مهما قلت مستوياتها الاجتماعية، لأن كل هذه الشرائح تمثل دافعى الضرائب التى هى رواتب الضباط.
وأثنى العيسوى على تعديل شعار الشرطة، وقال إن كل أجهزة الدولة مسخرة لخدمة المواطن الذى هو أساس الوطن، لافتا إلى أهمية الارتقاء برواتب الشرطة، التى لا تعينهم على مواجهة طلبات الحياة، وهو ما يضعهم تحت ضغوط نفسيه هائلة، فى ظل الفوارق الظاهرة بين الرواتب، مشدداً على ضرورة إلغاء الاستثناءات الممنوحة لكل فئات المجتمع، كالضباط والقضاة.
وتوقع الدكتور قدرى سعيد، رئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، أن يطرأ تغيير كبير على أجهزة الشرطة، لأن التجربة أثبتت أن العلاقة بين الطرفين سيئة، علاوة على أن طبيعة التدريب التى يتلقاها الضباط لم يتم تحديثها منذ فترة طويلة، ويجب أن يعاد التفكير فيها، مشدداً على ضرورة إعادة النظر فى تطورات المحنة الأخيرة، وأن تتبنى الدولة مشروعا للإصلاح الأمنى، لأنه إحدى الجهات المسؤولة عن تأمين الوطن، ولا يعقل أن ينهزم هذا الجهاز أمام مجموعة غير مسلحة فى ساعات قليلة، وهو ما يعنى أن هناك خللا يجب أن يعاقب من تسببوا فيه، ولكن أولا يجب النظر فى تداعياته وعلاج هذا الخلل وأسبابه.
واستبعد سعيد تغيير زى الشرطة، لأنه رمز للجهاز، مشيراً إلى أن التغيير يجب أن يشمل جوانب أخرى، لا يحتل الزى ترتيبا متقدما فيها، مشيداً بإعادة شعار «الشرطة فى خدمة الشعب»، ومبرراً التغيير الذى أضافه الوزير الأسبق حبيب العادلى، بأنه شعار بنوع من التعالى فى أن يكون خادما للشعب، فقرر أن يكون هو والشعب فى خدمة الوطن، ناسيا أن الجميع يخدم الشعب دون أن يتم ذكر ذلك، وأن كونه خادما للشعب لا يقلل من قدر الشرطة بل يمنحها شرفاً إضافياً.