لا أدعى علماً ببواطن الأمور، أو معرفة بمسؤولين من هنا أو هناك، بل الأكثر أننى بت أخشى فقدان بوصلة كنت أمتلكها داخلى فأترك لحواسى قيادة فكرى، ولكن ما جرى من تغييرات داخل الحزب الوطنى وأفرزت إقصاء قيادات سياسية لم يكن أحد يتخيل فى يوم المساس بها أفرحنى لبرهة، ولكننى أفقت على تساؤلات أطلت بداخلى وأرقت تلك الفرحة المستترة برحيل سدنة نظام ومستفيدين منه، وتساؤلاتى يا سادة يسألها الكثيرون غيرى ولا أدعى بها فطنة، فهل ما يحدث تغيير سياسى فى طريق الإصلاح العام لمصر؟ أم إصلاح حزبى فى طريق تهدئة الأمور داخل الوطن؟ ولماذا لم يستقل الرئيس من رئاسة حزب بات يوصمه بالكثير من المفاسد والذنوب، كان آخرها دماء ١١ مصرياً، قتلوا فى قلب ميدان التحرير ليلة الخميس ٣ فبراير ومئات المصابين؟
يا سادة هل بالفعل سقط النظام وانتهى فى مصر؟ أم أنه باق ما دام فى القلب من نبض وفى الصدر من نفس؟ وإن كان قد قرر الرحيل واستجاب لساعة التاريخ فلماذا الإصرار على أن تكون الإصلاحات بطيئة، والتفاوض بالقطارة؟ لماذا الجدل على أساسيات قد تحمى الوطن من فوضى، يعلن مبارك كل يوم خشيته على الوطن منها؟ ولماذا تجاهل أصوات مشاركين فى التفاوض قالوا إنهم يمتلكون الحلول الدستورية والسياسية لما بتنا فيه من حال؟ الإجابة عندى سؤال تطرحه حواسى، مفاده: هل يخشى الرئيس إن أسرع من وتيرة الإصلاح أن يطالب الناس بمحاكمته بعد رحيله من السلطة وتركه لها؟ قد يكون ذلك الهاجس لدى الرئيس ومن حوله، خاصة بعد مطالبة التونسيين بمحاكمة زين العابدين بن على بعد رحيله من تونس فى أعقاب الثورة التى أطاحت به.
الفكرة قد تكون مستبعدة لدى الكثير من المصريين الآن، ولكن القادة القريبين من الرئيس يعلمون أنها تراود البعض ويتخوفون من مطالبة البعض بها فيما بعد، فهل يكون ذلك هو سبب إصرار الجميع على أن يؤدى الرئيس مهامه فى عملية الإصلاح حتى نهاية فترته فى شهر سبتمبر المقبل؟ وتتوالى الأسئلة: على ماذا نحاكم الرئيس؟ على سنوات سرقها من عمر مصر وعمرنا ونحن نظن أننا عبء عليه وعلى حكوماته التى ما زادتنا إلا فشلاً؟ أم على شخوص فسدوا وأفسدوا وظلوا جاثمين على صدورنا يقولون لنا كل يوم ما لا يفعلون؟ أم على ثروات كُسبت بدون وجه حق وباتت حقا مكتسباً؟
أيها المتفاوضون والقادة والمسؤولون لا أملك لكم من الشعب شيئاً ولا وعداً، ولكن إن كان ضمان استقرار مصر يقتضى أن نحل أزمتنا بإصلاح حقيقى سريع يقتضى خروجاً كريماً آمناً دون لجوء لمحاكمة، فافعلوا. وليقدم الرئيس جميع طاقاته وإصلاحاته لمصر وشعبها دون خوف أو قلق من لحظة حساب.