لو كان الرئيس حسنى مبارك أو حاشيته لو كان يقرأ ما كنا نكتبه لما جرى ما جرى الآن وهذا المقال تشرنه بالحرف قبل شهور طويلة، وأعيد نشره مرة أخرى.
أولاً: نحدثك عن «الماتش مع الجزائر» الذى جعل المصريين بالخارج والداخل «ينامون» فجر الجمعة الفائت، وهم مرتاحو البال.. نافضين «هماً» ثقيلاً.. أحزنهم ولازمهم منذ ١٨ نوفمبر وذكرهم بما جرى فى ٦٧. عندما أطلقنا «أبواق» الإذاعة «تهجص» و«تجعر» و«تشتم»، و«تهدد» لتفتح علينا نار جهنم..
ولم يكن هناك تخطيط أو تنظيم «للمعركة».. «فانهزمنا» شر هزيمة.. وأحسسنا وقتها بالمذلة والانكسار والعار.. وعندما جاء «الكوتش» أنور السادات، واختار «الفريق» الصحيح الذى استعد وخطط، وحدد الهدف.. انتصرنا، واستعدنا كرامتنا.. وعادت لنا الثقة، و«لاح» الأمل.. وهذا ما حدث أو «قل» ما أحسسناه مع فريقنا القومى الرائع بقيادة الكوتش العظيم حسن شحاتة ومعاونيه!
ثانياً: اسمح لنا يا سيادة الرئيس، الذى نحترمه ونقدره، أن نطرح عليك بعض الأسئلة التى دارت فى أذهان كل مهموم بشؤون هذا الوطن بعد هذا «الماتش» الفاصل:
السؤال الأول: هل تأكد لك يا سيادة الرئيس أن الـ٨٠ مليون مصرى «جاهزون» الآن وفوراً للتأييد والمؤازرة، والمشاركة فى أى «مشروع حضارى» ينقل مصر من هذه «الكبوة» التى طال أمدها إلى آفاق عالية مشرقة.. وأن ما يقال عن هذا الشعب بأنه أصبح جثة هامدة هو كلام فارغ.. وأن كل ما يشاع عن فقدان الانتماء هو غير صحيح، والدليل هو ما رأيناه من ملايين «الأعلام» التى رفعها المصريون خفاقة فى السماء فى كل أنحاء العالم تعبيراً عن حبهم وتقديرهم بل عشقهم وانتمائهم لهذا البلد؟
السؤال الثانى: لماذا يا سيادة الرئيس «تصمم» على أن نظل مخنوقين «بفريق حكومى» فاشل.. ليس فيه أكثر من خمسة أو ستة وزراء بمستوى زيدان- الحضرى - المحمدى - وجدو.. والخمسة والعشرون وزيراً الآخرون لا يصلحون مطلقاً فى تشكيل الفريق، وأمثالهم من «المحافظين».. فهم معدومو اللياقة الذهنية والنفسية، ولا يملكون أدنى موهبة أو «رؤية» مستقبلية، وليس لديهم أى إحساس بالمسؤولية..
فلماذا «الإصرار» على اللعب بهذا «الفريق الحكومى» العاجز عن تحقيق أى هدف أو حتى التعادل فى أى «ماتش» مع أى منافس، حتى مع فريق حكومة «بوركينا فاسو» الذى سحقنا وانتصر علينا، وأخرجنا من الأسواق العالمية فى محصول القطن.. لتصبح «بوركينا فاسو» أولى دول القارة الأفريقية فى إنتاجه وتصديره.
وفى «السياسة» فشلنا فشلاً ذريعاً فى كل معاركنا، ودليلى ما حدث فى منابع النيل.. وفى إدارة أى «أزمة» تحتاج إلى دبلوماسية أو كياسة أو حتى شرح وتوضيح مسبق.. أما على مستوى المحافظين فحدث ولا حرج من قاذورات، و«مجارى»، وعشوائيات، وفساد، فلماذا لا نحترم الرأى العام الذى طالبكم، وناشدكم التغيير ولا حياة لمن تنادى؟
السؤال الثالث: هل لديك «ذرة شك» يا سيادة الرئيس فى قدرات، وإمكانيات، وموارد هذا البلد.. وأن مصر تزخر بعشرات الآلاف من العلماء، والخبراء، والباحثين، والموهوبين، والمبدعين، والخلاقين، والمبتكرين.. القادرين على «الإقلاع» بهذا الوطن إلى سماء العالمية.. ووضع مصر فى المكان اللائق بتاريخها وحضارتها وعبقرية موقعها على الخريطة العالمية لنباهى بها الأمم كما فعلنا ليلة الجمعة الفائتة؟
السؤال الرابع: إذا كنت يا سيادة الرئيس «مؤمنا» بقدرات هذا الشعب.. فلماذا لا تدعو إلى «مؤتمر عام» على غرار المؤتمر الاقتصادى فى بداية حكمك. يلتقى فيه أبناء مصر الأفذاذ والمخلصين من كل الأطياف السياسية لنتفق ونتوافق على «مشروع حضارى» ينقل مصر من الفقر والجهل والفساد إلى التحضر، والغنى، والأمل.. وأمامنا عشرات الأمثلة لدول بدأت منتصف السبعينيات.. وفى أقل من عشرين سنة أصبحت «نموراً» يحسب لها ألف حساب.. فلماذا لا تفعلها يا سيادة الرئيس ليسجلها لك التاريخ؟
سيادة الرئيس ماذا لو خرجت علينا غداً لتعلن التالى:
أ- تعديل المادتين ٧٦ و٧٧ وغيرهما لتسمح لكل مصرى لديه القدرة والإرادة والرغبة فى أن يكون «رئيساً» ولمدة خمس سنوات، بحد أقصى مدتان.. والبرنامج الانتخابى لكل مرشح هو المعيار.. والفاصل هو الصندوق الانتخابى الشفاف!
ب- خروج قانون دور العبادة الموحد إلى النور.. والمساواة فى الحقوق والواجبات.. وتفعيل مبدأ «المواطنة» المنصوص عليه فى الدستور، والمعطل كما نعرف جميعاً (فهل تعلم أن إسبانيا بجلالة قدرها أنشأت «وزارة للمساواة» لها وزيرة وميزانية وجدول أعمال).. فهل نحن أفضل من إسبانيا فى «المساواة» بين كل المصريين؟
ج- اختيار رئيس حكومة «كوتش» فاهم، وصارم.. ويترك له كامل الحرية فى العمل.. ولنحاسبه كل ١٢ شهراً على أفعاله والنتائج المحققة.. بدلا من «الخلطبيطة» التى نعيشها الآن، ولا نعرف من هو «المسؤول» عن تصرفات الحكومة، وعما يجرى فى كواليس مجلس الشعب.. وفى كل المؤسسات والهيئات.. بعد أن استسلم الجميع وسلموا بأنك أنت وحدك السائل والمسؤول، والمهيمن على كل شىء.. لدرجة أن الخفير - وأصغر عامل - لم يعد يلجأ إلى رئيس الحى أو المدينة أو المحافظ أو الوزير، ولا حتى رئيس الحكومة.. فالكل يلجأ لك أنت.. يستغيث بك أنت.. يناشدك وحدك.. فهل هكذا تدار شؤون الدول؟
د- استبعاد أى «رجل أعمال» من العمل السياسى أو الحزبى أو التنفيذى إلا إذا «باع» أو «صفى» كل أعماله طالما أنه يرغب فى العمل السياسى.. حتى لا يحدث خلط للأوراق، وتضارب فى المصالح يراه الناس فيفقدون الثقة، وتفقدون أنتم المصداقية.
وأخيراً ماذا لو فتحنا كل الملفات، ونظفناها من «الصديد» و«العفن» ثم نغلقها بعد تطهيرها، «ملف الأقباط.. ملف كبار الفاسدين.. ملف الضبعة.. ملف النوبة.. ملف التوريث.. إلخ.. إلخ» ومعالجتها جذريا.. فنتخلص من كل هذا الصداع، والقلق، والخوف، والتشكيك، والمزايدات.. ونتفرغ للملفات الحقيقية المملوءة «بالتحديات» التى تهدد حاضر ومستقبل هذا البلد.. وهل تعلم أننا جميعاً مستعدون للتضحية، والمشاركة فى بناء نهضة علمية حضارية يتوق لها ويشتاق إليها كل المصريين بالداخل والخارج؟
سيادة الرئيس.. صدقنا مازال لك «رصيد» فى قلوب المصريين.. «رصيد» من المحبة والتقدير والاحترام.. ولكن بكل صراحة فهذا «الرصيد» يتآكل يوماً بعد يوم بسبب «العناد» وتجاهل مطالب الشعب.. والاعتماد على بعض «الأشخاص» الممقوتين والمكروهين، فلماذا لا نفتح صفحة جديدة تحت عنوان «الصحوة الكبرى» التى ناديت أنت بها فى الثمانينيات؟! وإذا أحس المصريون بأن هناك شيئاً جاداً وراءه «إرادة سياسية» دافعة ونافعة فلن يبخل أحد منا بكل ما يملك.. فهل تفعلها يا سيادة الرئيس لتكون «مسك الختام»؟
سيادة الرئيس.. الكرة فى ملعبك الآن.. فهل تحرز أهدافاً تعيد لنا البسمة والأمل المفقود.. أم ستتركنا هكذا نمصمص شفاهنا، ونلطم خدودنا وننعى حظنا، ونستجير بالله مما يحدث أمامنا؟