لو كنت فى موقف الرئيس لقلت:
أبناء وطنى الأعزاء.. فى هذه الساعات الحرجة.. دعونى أفكر أمامكم بصوت مسموع.. هذه ليست أزمة.. بل ثورة شعبية مباركة.. أما الأزمة.. فهى أزمتنا نحن نظام الحكم!
إن أسوأ أنواع الحكم.. هو العسكرى أو الدينى.. وذلك لغياب أعظم كلمة فى أى لغة ألا وهى كلمة نقد «CRITISIM» لأن النقد فى الحكم العسكرى.. أجندة..! والنقد فى الحكم الدينى.. كفر.. والمؤسف أن الدول الكبرى تشجع هذين النوعين من الحكم حتى يسهل عليها التفاوض مع رجل واحد لا برلمان! ودعونى أقل لكم: ما لم يهدد الحاكم شبح هزيمة انتخابية مقبلة، يتحول من خادم للشعب، إلى حاكم غير مبال بمصالح هذا الشعب! كما يجب على السياسى أن يكون مصلحاً REFORMER وفرق كبير بين الاثنين.. السياسى عينه على منصبه، والمُصْلِح عينه على شعبه حتى وإن فقد منصبه.
أبناء وطنى.. لم يعد فى العمر قدر ما مضى، ولكن ما تبقى من العمر هو لكم سواء وأنا فى الحكم أو خارجه.. إن الإنسان يحس بأنه أصبح على قمة العالم حين لا يثنيه شىء أو يخاف شيئاً، أى حين يتحرر من الرغبة والرهبة.. وأنا فى هذه الحالة النفسية الآن.
لقد تحملتم الكثير والكثير جداً.. حتى إنه لو كان جبلاً لانهدم.. بداية من حرب ٥٦ التى أدت إلى خليج العقبة وإسرائيل، والتى بدورها أدت إلى ٦٧، والتى بدورها أدت إلى ٧٣، كما أننا وقعنا فى أخطاء فادحة.. ببيع أراضينا، والدول من حولنا لا تبيع شبراً واحداً، ولا حتى بيتاً صغيراً! بعنا الغاز الطبيعى بثلث الثمن العالمى، أصبحت الملوثات فى الهواء، الماء، الغذاء، فانتشر السرطان والفشل الكلوى، فيروس C، أصبح ٣٪ من شعبنا يمتلكون ٩٧٪ من ثرواتكم، ٩٧٪ من شعبنا يمتلكون ٣٪ من ثروتنا القومية!!
ملايين يعيشون فى المقابر، حوادث السيارات التى فاق عدد ضحاياها عدد ضحايا حربى ٦٧، ٧٣! رملنا نساءكم، يتمنا أطفالكم.. وكل هذا بسبب عدم الاتجاه للإصلاح الداخلى! ثم بعنا المصانع والقطاع العام.. فأصبح شبابنا ورجالنا.. دون عمل! عشرات الاعتصامات والتظاهرات حول مجلس الشعب، ونحن نسمع ونرى.. ولكن لا نعبأ أو نتكلم.. وإذا تكلمنا: مفيش حد يلوى دراعنا.. والناس تتلوى جوعا!
لم يعد للمصرى كرامة بالداخل أو الخارج، توارت سيادة القانون إلا على المسكين أو من نريد الانتقام منه.. غابت العدالة، فدبت الفوضى، وانتشر العنف، وما تطلقون عليه الفتن الطائفية فى هذا الشعب المتحضر الجميل، الذى ظهر معدنه فى ٢٥ يناير، كل هذا نحن مسؤولون عنه.. وآن الأوان أن أتلو عليكم القرارات التالية:
١- إلغاء قانون الطوارئ من تاريخ هذا الخطاب.
٢- إلغاء نتيجة مجلسى الشورى والشعب لأنهما مزوران.
٣- إلغاء الدستور الحالى واستبداله بدستور ١٩٢٣ حتى تتم بعض التعديلات فيه.
٤- إنشاء هيئة دستورية عليا من كبار المستشارين من الهيئات القضائية الثلاث تتولى اختيار الرئيس.
٥- حكومة مدنية بالكامل.. حتى يتحول الحكم إلى حكم مدنى.. ويتفرغ جيشنا الرائع إلى الدفاع عن مصر فى حالة أى اعتداء من الخارج.
٦- قانون موحد لبناء دور العبادة.. شريطة أن يتم بناء مدرسة، مستشفى صغير، مصنع صغير.. حول أى كنيسة أو جامع، وهكذا نكون قد عملنا لديننا كأننا نموت غداً، ولدنيانا كأننا نعيش أبداً.
لقد حكم «سوار الذهب» سنة وذهب، وشارل ديجول استقال، لأنه لم يحصل على أكثر من ٧٠٪ من أصوات الناخبين، ونيستون تشرشل فقد الحكم بالرغم من كسبه الحرب العالمية الثانية، وأنا بدورى أستقيل، أستودعكم الله، وأتمنى أن تقرأوا.. كبار الحوادث فى وادى النيل.. لأمير الشعراء فنحن نعيش واحدة منها:
هكذا الدهر حالة ثم ضد.. ما لحال مع الزمان بقاء
إذا ملكت النفوس فابغ رضاها.. فلها ثورة وفيها مضاء
يسكن الوحش للوثوب من الأسر.. فكيف الخلائق العقلاء؟!