الشعوب تصنع التاريخ، والكلمات تحدد ملامحه، والصحف وثيقة الثوار كانت تؤرخ لحظة بلحظة لوقائع ١٨ يوماً بعناوين وصفحات تحكى تفاصيل الثورة التى ولدت لأجل الحرية والانتصار لفكرة العدالة، أوراقها صارت دفتر أحوال الثورة، مع الحفاظ على المهنية والخط الفاصل بين الحياد والانحياز، وقود يومى من أحبار المطابع أصبح جزءاً من تاريخ كتبته هتافات العدل والمساواة والحق والإنصاف، صفّته أياد مصرية بضمير وطن أراد الخلاص واعتبارات مهنة الحقيقة والموضوعية،
أعداد أشعلت بتدافع الأحداث وأنواء الثورة، مواجهات واشتباكات وتصريحات وأنباء وأخباراً وتقارير، أفعالاً وردود أفعال، بيانات رئاسية وأخرى رسمية، حوارات وحروباً كلامية، حكومة تسقط وأخرى لتسيير الأعمال، نائب رئيس، ثم التنحى مطلب الثوار وأملهم منذ ٢٥ يناير، وانتهاء بالمجلس العسكرى لإدارة شؤون البلاد.
صفحات بدأت بمانشيت «إنذار» صباح يوم ٢٦ يناير وانتهت بـ«إسقاط»، حكت لحظات السخونة والتوتر والانتظار والأمل، ونسجت خيوط الفرحة وأهازيج النصر، وصاغت أغانى الوطنية وشعارات الحرية، رسمت ملامح وطن يسعى للتغيير، وأكملت مسيرة سنوات منذ بدايات التغيير قبل سبعة أعوام.. إنها صفحات تنفست الحرية، هواها الرغبة فى الإصلاح، صفحات كسرت قيود فكرة الشعب النهرى الذى لا يثور، صفحات زُحزحت بها جدر،
وسقطت من خلالها أسوار، ورأت فيها الثورة صورها وقسماتها، ونبتت منها عبارات الأمل وبناء الوطن، صفحات صنعتموها أنتم أيها الأحرار الذين رفضتم القهر وآمنتم بالقدرة ورغبتم أن نعيش كراماً، شرفاء، أقسمتم على إقصاء الطالح وتثبيت الصالح. صفحات من عمر التغيير،وأوراق لقاموس الخلاص، وكلمات كقطع الرصاص عن الفساد والفاسدين، وثائق ناطقة بتاريخ سطرته دماء شهداء وأنين جرحى وإرادة لا تلين، إنها دفتر أحوال ١٨ يوماً أسقطت ٣٠ عاماً، وتحولت هذه الصفحات إلى «أيقونات» رفعها ثوار التحرير الشرفاء.