أحداث يوم الغضب أشعلت فيه الرغبة فى المشاركة، فاتفق «أحمد أيمن» -١٧ عاما- مع أحد أصدقائه من طلاب الجامعة البريطانية على التوجه إلى ميدان التحرير، أمس الأول الأربعاء، وتقابل الصديقان فى مدينة نصر قبل أن يتوجها سويا إلى ميدان التحرير عبر مينى باص، يسألهما أحد أفراد الأمن قبل أن يتحركا «بتعملوا إيه هنا» فيجيبان «لا شىء».
فى الثانية عشرة ظهرا كانا فى الميدان، لكنه لم يكن الميدان نفسه الذى رأياه على قناة الجزيرة، إذ تحول حسب وصفه أحدهما إلى ثكنة عسكرية احتلها جنود الأمن المركزى.. يسأل «أحمد» صديقه: «تفتكر هيبقى فيه مظاهرة زى امبارح؟» لكن سؤالاً مباغتاً من أحد المخبرين عن سبب تواجدهما فى المكان يقطع السؤال، ويجيب أحمد: مفيش خلصنا الامتحان وقررنا نتقابل ونروح نتغدى فى وسط البلد، فينصحهما المخبر بالرحيل عن الميدان، ولأن اليوم لا يشير لوجود متظاهرين غيرهما، قرر أحمد وصديقه الاستجابة لنصيحة المخبر.
يتوجه «أحمد» الذى لم يشارك فى مظاهرة من قبل ولا ينتمى لأى حزب أو تيار سياسى إلى ميدان عبدالمنعم رياض فى انتظار وسيلة مواصلات تقلهما إلى حيث أتيا، فيستوقفهما مخبر آخر ليسألهما «بتعملوا إيه هنا؟»، يجيباه «مستنيين الأتوبيس»، يشير المخير إلى عربة ترحيلات ويقول «إحنا هنوصلكم وهنطلعكم من هنا»، يركبان معه فيجدان بالداخل ٣٥ شابا آخر، هنا أدركا أن السيارة ستتوجه إلى مكان غير معلوم حيث صادرا منهما هواتفهما المحمولة.فى معكسر الأمن المركزى، الذى يبعد نحو ساعة ونصف عن ميدان التحرير، ينزل «أحمد» وبقية المرحلين إلى جوار المطبخ ومسكن العساكر، يتم احتجازهما دون أن يخبرهما أحد عن سبب الاحتجاز، يدخل أحد الأمناء ومعه مخبر ليحصلا على البطاقات الشخصية وأرقام الهواتف المحمولة، ويروى أحمد: «كان كل واحد يدخل لنا شكله رتبة لابس ملكى أو ميرى، يقعد يسألنا أسئلة كتيرة ويقول لنا اطمنوا هنبقى نخرجكم، وبعدها يختفى».
١٢ ساعة كاملة و«أحمد» وصديقه يقسمان بالله أنهما كانا فى انتظار الأتوبيس، لم ينقصهما سوى الصراخ بالعبارة الشهيرة: إحنا بتوع الأتوبيس، لكن قسمهما لم ينه الموقف، إلى أن جاءت الأوامر فى الواحدة صباحا بإطلاق سراحهما، وتسلما هواتفهما وخرجا إلى الشارع، ليكتشفا أنهما كانا فى معسكر «الجبل الأحمر»، حيث لا مواصلات ولا محال، لينتظرا ساعات أخرى فى انتظار نجدة ذويهما لهما للعودة إلى المنزل.