هناك من يكرهون «فيس بوك»، وهناك من يعتبرونه وطنهم الحقيقى، وبين هاتين الفرقتين، فرقة ثالثة تؤكد أنها تتعامل معه باعتباره مجرد موقع «تواصل اجتماعى»، والحقيقة أن كل هؤلاء لا يقولون الحقيقة كاملة.
أغلب من يدعون كراهية «فيس بوك» يملكون «حساباً» عليه، إلا أنهم يشددون من إجراءات «الخصوصية»، حتى لا يعرف بوجودهم إلا من يريدون، وبعضهم يملك «حساباً» لا يحمل اسمه الحقيقى، ومن يعتبرونه «وطناً» يحاولون، إلا قليل، تطبيق مبادئ الديمقراطية والحرية التى يتمتعون بها فى صفحات «الوطن الافتراضى» على أرض «الوطن الحقيقى».
يعتمد «فيس بوك» على عدد من التفاصيل البسيطة «المحببة» فى اجتذاب مشتركين جدد كل يوم، وبقائهم عليه لأطول وقت على مدار اليوم، فمشترك الموقع يمكنه ببساطة العثور على زملاء الدراسة، وأصدقاء الطفولة، ومن يشاركونه نفس الأفكار والمعتقدات.
ويبدو أن مصممى الموقع ومطوريه نجحوا فى اختيار نوعية وطريقة دمج هذه التفاصيل فى صفحات «فيس بوك» بدليل وصول عدد المشتركين عليه حول العالم لأكثر من ٥٠٠ مليون مشترك.
فتح موقع «فيس بوك» إمكانية الاشتراك فى صفحاته أمام جميع الأفراد البالغين من العمر ثلاثة عشر عاماً فأكثر، فى الـ٢٦ من سبتمبر، عام ٢٠٠٦، بعد أن ظل مقتصراً منذ إطلاقه فى ٢٠٠٤ على طلبة جامعة «هارفارد»، ثم عدة جامعات فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
ورغم أن الهدف الأساسى من إنشاء «فيس بوك» هو «التواصل والتشارك مع كل الأشخاص فى حياة المستخدم»، بحسب مصممى الموقع، إلا أنه تحول إلى منبر لطرح ومناقشة جميع الآراء والأفكار ذات الطابع السياسى، وخاصة فى عالمنا العربى، فحرية تكوين الأحزاب «المجموعات» مكفولة على «فيس بوك»، ولا توجد خطوط حمراء للحوار أو سقف للأحلام.
وفى شهر ديسمبر ٢٠٠٨، قضت المحكمة العليا لمقاطعة العاصمة الأسترالية، بأن «فيس بوك» يمثل بروتوكولاً صالحاً لتقديم إخطارات المحكمة إلى المدعى عليهم، ويعتبر أن هذا هو أول حكم قضائى فى العالم يشير إلى أن الاستدعاء الذى يقدم من خلال الموقع، ملزم من الناحية القانونية.
وإذا كان قرار المحكمة الأسترالية نقل ما يحدث داخل «العالم الافتراضى»، إلى أرض الواقع، فإن هذا العالم الافتراضى، قد شارك فى إحداث ثورة شعبية حقيقية على أرض الواقع.. وتحديداً فى مصر، فقد لعب «فيس بوك» دوراً مهماً فى الثورة المصرية التى انطلقت بميعاد مسبق حدده المشتركون فى مجموعة «كلنا خالد سعيد»، وكان الشباب المشتركون فى صفحة «خالد سعيد»، والصفحات المماثلة، يطرحون الأفكار ويطورونها بشكل ديمقراطى، أهلهم إلى النزول إلى الشارع بوعى سياسى، اكتسبوه على موقع التواصل الاجتماعى، وليس فى أروقة الأحزاب السياسية.
حجم الحرية المتاح على «فيس بوك» شكل ضغطاً على الحكومات العربية، لدرجة أن بعض الدول حجبته تماماً، فيما فرضت عليه دول أخرى رقابة صارمة، وصلت إلى التجسس على حسابات المشتركين، كما فعل نظام «بن على»، الرئيس التونسى المخلوع.