ولد الكاتب المسرحى ألفريد فرج فى قرية كفر الصيادين بمحافظة الشرقية فى ١٤ يونيو ١٩٢٩، وتوفى فى لندن فى ٣ ديسمبر ٢٠٠٥. ومع أنه لم يعش فى هذه القرية الصغيرة غير فترة قصيرة من طفولته، وانتقل بعدها إلى الإسكندرية، فقد أتقن لهجة الفلاحين، وأدى بها دوراً فى مسرحية آخر العام بدرجة أثارت إعجاب المشرف على فريق التمثيل فى المدرسة الذى تنبأ له بمستقبل زاهر فى عالم المسرح،
ومن يقرأ رواية ألفريد فرج »حكايات الزمن الضائع فى قرية مصرية« يبدو له كأن الكاتب لم يفارق القرية قط، وفى الإسكندرية نشأ ألفريد فرج وتعلم فى مدرسة محرم بك الابتدائية، ثم فى مدرسة العباسية الثانوية. وبعدها التحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتخرج فيها سنة ١٩٤٩ وبعد عدة سنوات من العمل بالتدريس فى مدارس الإسكندرية الخاصة، انتقل إلى القاهرة وعمل فى ١٩٥٥ فى دار التحرير،
محرراً أدبياً فى مجلة »التحرير« وجريدة »الجمهورية«، سبقتها كتابات صحفية متفرقة فى عدد من المجلات مثل »روزاليوسف«، »الجيل الجديد«، »الغد« وعلى صفحات جريدة »الجمهورية« نشر ألفريد فرج قصصه المؤلفة والمترجمة، والكثير من المقالات الأدبية والنقدية والتحقيقات، إلى أن فصل من دار التحرير فى ١٩٥٨ مع عدد من الكتاب والصحفيين واعتقل فى ١٩٥٩ إلى ١٩٦٣، دون أن تثبت عليه تهمة، أو تجرى له محاكمة.
ولكن من النقاد من يرجح أن اعتقال ألفريد فرج كان بسبب مسرحية »سقوط فرعون« التى قدمها المسرح القومى فى نوفمبر ١٩٥٧، وأوقف عرضها بعد اثنى عشر يوماً، بلغ فيها عدد المقالات التى كتبت عنها الصحافة ما يقرب من أربعين مقالاً تراوحت بين التقدير البالغ والهجوم الشديد.. ومثل هذا العدد من المقالات لم تحظ به مسرحية فى تاريخ المسرح العربى.
وتحت تأثير ما عاناه ألفريد فرج فى المعتقلات التى تنقل بينها كتب خلف القضبان مسرحية »حلاق بغداد« التى قدمت على المسرح القومى فى ١٩٦٤، وأعيد تقديمها عدة مرات فى القاهرة وبعض الأقطار العربية، وطبعت فى كتاب سبع طبعات، وكان لها مع غيرها من مسرحيات ألفريد فرج تأثيرها فى مسارح بعض الأقطار فى المشرق والمغرب، و»حلاق بغداد« كوميديا من فصلين يربط بينها شخصية الحلاق المغلوب على أمره ممثل للشعب الذى لا يرى سبيلا لحمايته وحماية الشعب من المحن التى يتعرض لها، غير منديل الأمان الذى يعطيه الخليفة لكل فرد من أفراد الشعب مهما كان عدده ومنديل الأمان هو الرمز أو المقابل القديم للديمقراطية فى العصر الحديث.
وقد حافظت عليه حتى خرج زوجها من المعتقل وعاد إلى بيته، وقد لا يعرف أحد اليوم إن »حلاق بغداد« مُثلت فى معتقل الواحات على مسرح حجرى من إنشاء المعتقلين، ولهذا تمنى ألفريد فرج أن يعاد بناء هذا المسرح الذى تهدم وتحول إلى سوق كبيرة، وأن يطلق عليه اسم مسرح »حلاق بغداد« إحياءً لذكرى أول عرض لهذه المسرحية التى غدت من كلاسيكيات المسرح المصرى، وليست »حلاق بغداد« وحدها التى كتبها ألفريد فرج فى المعتقل .
وإنما كتب أيضا فى هذا الأسر معظم فصول كتابه »دليل المتفرج الذكى إلى المسرح« الذى كان عبارة عن إجابات لأسئلة وجهها شباب المعتقلين إلى ألفريد فرج فى جلساتهم معه فى فناء المعتقل، وقام بالرد عليها كتابة لتعريفهم بفن المسرح فى اتجاهاته الحديثة وبعد »حلاق بغداد« توالت أعمال ألفريد فرج التى رسخت أقدامه ككاتب يتوازن فى مسرحه الفكر والمتعة من هذه الأعمال »سليمان الحلبى«، »الزير سالم«، »على جناح التبريزى و»تابعه قفة« و»النار والزيتون«، »الطيب والشرير«، »الأمير والصعلوك« وغيرها من الأعمال التى تألقت على خشبات المسرح، ونفدت طبعاتها ككتب تستحق أن يعاد عرض نصوصها ونشرها،
لأنها لم تكتب كما يقول مؤلفها للزمن الذى وضعت فيه وحسب، وإنما تتجاوزه بما تحمل من مضمون إنسانى يتمثل فى دفاعه الحار عن العدل والحرية والقيم الأخلاقية والإرادة الفردية.