مصر تحتاج إلى البناء وليس الهدم.. نتحدث عن الغد أكثر من أمس.. نحاول أن نبحث فى الماضى عن الأخطاء المطلوب تداركها فى المستقبل.. وليس الغوص فى تفاصيل وسفسطة لن تفيد.. فمن يملك مستندات فليفعل مثل النائب المحترم مصطفى بكرى، يذهب بها للنائب العام وليظل القضاء هو الفيصل.. مصر تحتاج إلى أفكار وجهد أبنائها فى البناء وحسناً فعل الثوار حينما أعطوا النموذج والمثل فى الساعات الأولى بعد تحقيق هدفهم بتنحى الرئيس، حيث قاموا بتنظيف ميدان التحرير.
والآن مطلوب منا جميعاً السلوك النظيف نفسه من أجل بناء دولة جديدة.. وليس الهدم فالتحديات كبيرة وخطيرة ولن تحل فى أشهر أو حتى عام.. وبالتالى يجب التوافق على تحديد الأولويات، لأن مصر إن كانت فى فرح، فهى أيضاً تواجه أزمات كبيرة يجب حلها سريعاً لتكتمل إنجازات الثورة ويعم الفرح.. لقد انتفضت الهيئات والشركات فى مصر، أمس، مرة أخرى للتظاهر ضد رؤسائهم والمكالمات تلاحقنى كل دقيقة «إحنا موظفين فى شركة كذا.. وعاملين مظاهرة» للدرجة التى أصبح فيها من الأسهل حصر أماكن غير المتظاهرين، وبالطبع هناك حقوق مشروعة مثل طرد المستشارين ومواجهة الفاسدين وتضييق الأجور بين الكبار والصغار وهناك أيضاً مزايا يمكن الصبر عليها، وهناك كذلك مطالب غير مشروعة.
الأزمة الكبرى تتمثل فى ضرورة عودة الأمن سريعاً وهذا لن يتحقق إلا برجال الشرطة الذين خرجوا فى مظاهرات أيضاً بسبب تعرضهم للظلم مرتين، الأولى من قبل قياداتهم، والثانية من قبل الشعب الذى يجب أن يفرق فى الوقت الحالى بين قيادات الشرطة الفاسدة التى جمعت المال والسلطة والنفوذ وبين ضباط وأفراد الشرطة الذين دفعوا ثمن تنفيذ بعضهم لتعليمات قادتهم، ففى النهاية الشرطة خلقت لتكون فى خدمة الشعب وأفرادها يمثلون العائلات المصرية المختلفة، حيث لا تخلو أسرة من فرد شرطة.. ويجب أن نتعامل معهم بطريقة تحفظ كرامتهم وهيبتهم.
■ مصر تحتاج إلى إعادة بناء من خلال ترتيب الأولويات ويجب أن نعلم أن الثورات رغم عظمتها فإنها «مكلفة».. ونتمنى ألا تشهد مصر ثورات أخرى بمعنى مواجهة وضع آليات وضمانات لمواجهة ظلم السلطة أو انحرافها أولاً بأول.. وأعتقد أن الضامن الحقيقى للثورة ومكتسباتها هو الشعب، الذى إذا صمت مرة أخرى فسيخلق مرة أخرى عزبة فساد من جديد.. ولذلك فالضمان الوحيد لمنع ذلك هو ميدان التحرير كلما انحرف النظام ذهب الناس إليه.