على غرار ماحدث فى ميدان التحرير بالقاهرة، شهد ميدان التحرير فى اليمن سيناريو مشابهاً أمس، عندما تظاهر معارضو الرئيس اليمنى على عبد الله صالح فى العاصمة صنعاء، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية وقابلتهم على بُعد مئات الأمتار تظاهرة مماثلة يقودها مؤيدو النظام، إلا أن التظاهرتين سارتا فى أجواء هادئة، إذ تمركز مؤيدو الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبى العام) فى ميدان التحرير بينما تجمع مناهضو النظام قرب جامعة صنعاء غرب العاصمة. واحتشد أنصار صالح فى وقت مبكر صباح الأمس، فى ميدان التحرير، مما أجبر متظاهرى المعارضة الذين كانوا حددوا المكان نفسه لتسيير تظاهرتهم على تغيير مكان تجمعهم ، وحمل مؤيدو الرئيس اليمنى لافتات كتب عليها «لا للتخريب.. لا لإثارة الفتن»، فيما رفع أنصار المعارضة شعارات تنادى بتغيير النظام.
وجاء ذلك فى الوقت الذى استقبل فيه منتقدو صالح - الذى يواجه احتمال اندلاع احتجاجات على غرار تلك التى تشهدها تونس ومصر- وعده بإنهاء حكمه المستمر منذ ٣ عقود فى ٢٠١٣ بمزيد من الشكوك والحذر انطلاقاً من وعوده السابقة بالتنحى التى لم تأخذ طريق التنفيذ وتراجع عنها.
وقالت لوسى جونز محللة شؤون الشرق الأوسط فى مجموعة «كونترول ريسكس» فى لندن: «أعتقد أن وعد صالح بعدم ترشيح نفسه مجدداً يجب أن يؤخذ بقدر كبير جداً من الحذر، فلقد قطع هذا النوع من الوعود فى السابق ، وفعل ذلك فى ٢٠٠٦ فى انتخابات الرئاسة السابقة ثم تراجع بعد ذلك عن قراره».
كما أكد محلل شؤون اليمن بجامعة برينستون جريجورى جونسون أن «هذه هى الكيفية التى حكم بها صالح دائما، فهو يريد البقاء فى السلطة ويبذل كل ما فى وسعه لضمان ذلك، نظرا لأن همه الأكبر هو ألا يؤدى ذلك إلى إنهاء حكمه فى الوقت الحالى».
وأضاف جونسون: «لا أعتقد أن الرئيس صالح يريد أن تجرى أى انتخابات فى المناخ السياسى الحالى، إذ يمكن أن يعتبر ذلك تنازلا للمعارضة ، ولكن المعارضة فى اليمن ما زالت ضعيفة ولذا فسيحاول استغلال مايحدث أياً كان لصالحه».
وفى السياق نفسه ، وصف إبراهيم شرقية من مركز بروكينجز الدوحة الرئيس اليمنى بأنه «بارع فى البقاء ورجل ذكى»، موضحاً «أن ما تعلمه من مصر هو أنه إذا خرج الناس إلى الشوارع فلا عودة».
وفى تونس ، أعلن رئيس الوزراء التونسى محمد الغنوشى فى مقابلة مع قناة «حنبعل» التونسية الخاصة مساء أمس الأول أن بلاده «تجاوزت» الانفلات الأمنى الذى شهدته فى الأيام الأخيرة وحث مواطنيه على العودة إلى العمل حتى لا «تنهار» البلاد.
وأضاف الغنوشى: «نعتقد أن التحديات الأمنية الكبيرة تجاوزناها ، وجاء وقت العمل»، مخاطباً الشعب قائلا: «طلباتكم مشروعة لكن ندعوكم إلى تأجيلها وعدم استغلال الظرف للحصول على امتيازات، لأنها تساهم فى انهيار البلاد».
وشهدت تونس فى الأسابيع الأخيرة إضرابات أدت إلى تعطيل النشاط الاقتصادى فى العديد من القطاعات، فضلاً عن الانفلات الأمنى فى العاصمة والعديد من المدن مما دفع السلطات إلى إجراء تعديل واسع فى المناصب القيادية فى الإدارات الأمنية وكذلك فى صفوف الولاة، حيث عزل الرئيس التونسى المؤقت فؤاد المبزع أمس الأول كل محافظى تونس وعدده ٢٤ محافظاً واستبدلهم بمحافظين جدد.
وتزامن ذلك مع اقتراح تقدم به نواب مؤيدون للحكومة فى البرلمان الجزائرى طالبوا فيه برفع حالة الطوارئ السارية فى البلاد منذ ١٩ عاماً، حيث أعد ٢١ من أعضاء البرلمان طلب إحاطة للمطالبة بإلغاء الطوارئ على أن يتعين طرحه للمناقشة علما بأن هذه هى المرة الأولى التى يقترح فيها البرلمان مناقشة حالة الطوارئ.
وتحت ضغط تطور الأحداث على هذا النحو فى الشرق الأوسط، أيد مجلس النواب البحرينى اقتراح ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بعقد قمة عربية عاجلة لبحث مستقبل الأمة العربية على ضوء الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التى اجتاحت عدة بلدان وهددت أنظمتها الحاكمة.
وكان ملك البحرين اقترح فى ٢٦ يناير الماضى على الرئيس حسنى مبارك عقد اجتماع عربى حول مستقبل المنطقة التى تشهد تحركات احتجاجية مستلهمة من الانتفاضة الشعبية التونسية.