عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت صدر حديثا كتاب: «مشروع سوريا الكبرى: دراسة فى أحد مشروعات الوحدة العربية فى النصف الأول من القرن العشرين»، للكاتبة المصرية، نجلاء مكاوى، وفيه تناولت الكاتبة الدعوة إلى توحيد «سوريا الطبيعية»، بعد أن قسمتها بريطانيا وفرنسا إلى أربع دول: سوريا، لبنان، شرق الأردن، وفلسطين، فى عام ١٩٢٠، فيما عرف فى السياسة العربية، فى القرن العشرين بمشروع سوريا الكبرى، الذى دعا إليه الملك عبدالله بن الحسين، ملك شرق الأردن. فالكتاب يرصد ويتابع تطور الدعوة الأردنية إلى توحيد تلك البلاد من عام ١٩٢١ حتى اغتيال الملك عبدالله فى ١٩٥١، حيث كان المشروع وطرحه، تحديدًا، من قبل الملك، أحد أهم الأحداث المطروحة على مسرح السياسة العربية فى الأربعينيات، ومحركًا للسياسة الخارجية للأردن، ومحوراً رئيسياً ارتكزت عليه علاقات الدول العربية بتلك الدولة، وفى كثير من الأحيان علاقات الدول العربية ببعضها البعض.
وقد أبرزت الكاتبة الدور الذى قامت به بريطانيا فى توجيه السياسة الخارجية لعبدالله بن الحسين، الأمر الذى انعكس على ردات الفعل العربية تجاه دعوته إلى ذاك المشروع الوحدوى، حيث رفضته مصر والسعودية وسوريا، مكونة محوراً ليس معادياً للمشروع فحسب، بل لكل طموحات الأسرة الهاشمية فى الزعامة العربية، كما رفض لبنان المشروع، متمسكًا باستقلاله عن سوريا، ورفضه الدخول معها فى أى وحدة، مما أدى فى النهاية إلى تأجج الصراع حول مسألة الوحدة العربية، وبروز ظاهرة المحاور السياسية التى انعكست بالسلب على خروج الجامعة العربية بميثاق ضعيف، وتراجع حلم الوحدة العربية أمام تطلعات الزعامة العربية، سواء لدى الملك عبدالله، أو لدى خصومه من حكام مصر والسعودية وسوريا آنذاك.
كما تناولت الكاتبة مواقف الأحزاب والصحف العربية من المشروع، لاسيما السورية واللبنانية والمصرية، وأيضًا تتبعت كل ما كتب عنه فى الصحافة الأجنبية، والمواقف الرسمية للدول الغربية منه، وكيف كانت الأصابع البريطانية وراء تأجيج الخلافات العربية الناتجة عن الدعوة إلى المشروع.
كما تناولت الكاتبة تأثير الدعوة إلى مشروع سوريا الكبرى على قضية فلسطين، وكيف أن الملك عبدالله، حاول استغلال الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى للتقدم خطوة على طريق المشروع، مما حفز خصومه فى مصر على العدول عن عدم المشاركة فى الحرب، فأرسل الملك فاروق جيشه للمشاركة فى الحرب، فى سبيل إعاقة تحركات عبدالله، فكان المشروع المحدد الرئيسى لموقف عبدالله من القضية الفلسطينية، وموافقته على تقسيم فلسطين، حتى يضم الجزء العربى إلى الأردن، كخطوة لتوحيد «سوريا الكبرى» كلها تحت عرشه.