كان إسماعيل الخانع، أحد العمال الذين كانوا يعملون فى السرادق، الذى أقيم للاحتفال بعيد الجهاد فى طليعة شهداء المظاهرات، وكما تذكر مجلة المصور فى عددها بتاريخ ٢٢ نوفمبر ١٩٣٥ فقد انتهى حضرة صاحب الدولة مصطفى النحاس باشا ومكرم عبيد من إلقاء خطبتهما وغادرا السرادق، وتقدم العمال لجمع أدواتهم، وبينما كان إسماعيل يؤدى عمله تدفقت الجماهير والجنود وحاملو الهراوات والبنادق صوب السرادق فأصابت العامل رصاصتان، وحمله الجنود إلى قسم بوليس السيدة زينب، ثم نقلته الإسعاف الى قصر العينى، ومات فى اليوم التالى متأثراً بجراحه ولولا أن أخاه أصيب وانتقل معه إلى المستشفى لكان إسماعيل دفن فى مقابر الصدقة.
ثانى الشهداء محمد عبدالمجيد مرسى، وكان فى طليعة المشاركين فى المظاهرة التى سارت فى طريقها إلى الجيزة ثم كوبرى عباس، وعند منتصف الكوبرى من ناحية الجيزة انتهت مهمة البوليس، وبدأت مهمة الكونستبلات والضباط الأجانب، وبعد بضع دقائق سقط عبدالمجيد مضرجاً فى دمائه، ولكنه هتف «تحيا مصر»، وكان آخر هتاف له، وفى الليل كانت جثة الشهيد فى ثلاجة مستشفى قصر العينى، لكن البوليس أخذ الجثة وكفنها على عجل، وحملها فى سيارة حكومية لنقلها سراً إلى الإسكندرية، وهناك جرى دفنه بسرعة، دون أن يراه والداه.
الشهيد على طه عفيفى: هوت على رأسه ضربة من عصا أحد الجنود فسقط على الأرض مغشياً عليه، وحمله رجال البوليس إلى قسم السيدة زينب، ثم إلى مستشفى قصر العينى، وفاضت روحه إلى بارئها وخشى إخوانه من طلبة دار العلوم أن يتبع البوليس فى دفنه ما اتبعه من إجراءات فى دفن الشهيدين السابقين، فاحتال بعضهم حتى سرقوا الجثة من الثلاجة، وحصلوا على تعهد من مدير المستشفى وحكمدار بوليس العاصمة بالسماح لهم بتشييع جنازة الشهيد، وتمت إجراءات الجنازة من مستشفى قصر العينى، واشترك فى تشييعها ألوف من الطلبة والأهالى من جميع الطبقات.
عبدالحكم الجراحى: يذكر أنه التحق بكلية الآداب فى العام نفسه، وكان قبل ذلك بجامعة جرينوبل بفرنسا، حيث يقيم بعض أقربائه ولكنه فضل الدراسة فى الجامعة المصرية، بسبب حبه لمصر، وكانت إصابته خطيرة، ولفظ أنفاسه الأخيرة مردداً (أنا محمد عبدالحكم الجراحى، أنا المصرى الذى يستقبل الموت باسماً، أنا الشجاع الذى لبيت نداء الوطن، أنا محمد عبدالحكم الجراحى، أنا محمد عبدال...).
ومن جرحى المظاهرات محمود عبدالله مكى، طالب الآداب، وقد شوهد ويعانى آلاماً شديدة ويصيح أموت وتحيا مصر، وإبراهيم شكرى هو نجل محمود شكرى باشا، مدير بنك التسليف الزراعى، وأصيب برصاصة فى فخذه وظل يردد بصوت مرتفع (تحيا مصر حرة دائماً).