«جمعة التحدى» من ميدان التحرير منذ الساعة السادسة مساء يوم الخميس وحتى فجر أمس الجمعة، حيث كانت ليلة حاشدة شهدت جميع مشاعر التناقض، وتأرجحت حالة المتظاهرين بين الفرح والحزن، ثم الغضب.
بدأ المشهد بتسريب معلومات للمعتصمين فى ميدان التحرير تشير إلى أن مبارك سوف يلقى خطابا إلى الشعب ينهى الأزمة، فى إشارة إلى تنحى الرئيس، وكان ذلك أحد أسباب حالة الفرح التى عمت الميدان قبل بدء بث الخطاب، فيما تناقل بعض المنضمين إلى ثوار التحرير أخبارا تشير إلى وجود أزمة بين أجنحة السلطة.
واستقبل الثوار البيان رقم (١) للقوات المسلحة بفرحة عارمة، وفسره البعض على أن القوات المسلحة اتخذت قرارا من شأنه حسم الموقف قبل ليلة جمعة التحدى، وبالرغم من تلك الفرحة إلا أن الريبة بدأت فى السيطرة على جميع المحتجين، بسبب عدم صدور البيان الثانى للقوات المسلحة.
واحتفل أحد الشباب بعيد ميلاده السابع والعشرين، وأطفأ الشموع على أنغام الأغانى الوطنية، فيما احتفل عروسان بزفافهما ليرتفع عدد من عقدوا قرانهم فى الميدان إلى ٥ عرسان جدد.
وفى ظل تلك الأجواء الاحتفالية انضم لجموع المتظاهرين ثلاثة ضباط ينتمون للقوات المسلحة، مرددين هتافات تطالب بحماية الشعب وضرورة تحقيق مطالبهم وتنحى الرئيس مبارك.
وطلبت إذاعة الشعب داخل الميدان من المحتجين ممن يعرفون شهداء وجرحى الثورة تقديم البيانات الخاصة بهم، لتوثيقها ثم رفع قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية وتحريك دعوى أمام النائب العام المصرى ضد نظام الرئيس مبارك.
وعقب ذلك ألقى الإعلامى حسين عبدالغنى، كلمة للمتظاهرين قال فيها «أنا حسين عبدالغنى.. دايما كنت معاكم.. النصر ظهر وقرب من أمامنا»، مضيفا «فاضل زقة» وكان ذلك عقب بيان القوات المسلحة، فيما انتظر المتظاهرون خطاب الرئيس وهم يستمعون للأغانى الوطنية فى أجواء احتفالية، لكن الخطاب جاء عاصفا بآمالهم، حيث أكد استمرار الرئيس فى السلطة حتى نهاية الفترة الرئاسية، وقابل المتظاهرون الخطاب بالهتافات المدوية الرافضة له مرددين شعارهم الشهير «ارحل.. ارحل»، بينما تحركت مظاهرات من مقر نقابة الصحفيين، انضم إليها الآلاف من المحتجين على نظام وخطاب مبارك واتجهت إلى قصر العروبة، إلا أنها انقسمت إلى قسمين، الأول توجه إلى قصر العروبة والثانى حاصر مبنى الإذاعة والتليفزيون وتم منع الموظفين بالتليفزيون صباح أمس من دخول المبنى.
وردد المتظاهرون هتافات «يوم الجمعة العصر.. كلنا هنروح القصر»، فى إشارة إلى القصر الجمهورى، فضلا عن هتافات أخرى على أنغام الدفوف «ثورتنا ثورة شعبية إسلامية ومسيحية» وعبر الشباب عن خيبة أملهم واستيائهم الشديدين من الخطاب. وتعرض كثيرون منهم لحالات إغماء وبكاء هستيرى.
وقال المتظاهرون إنهم كانوا على ثقة بأن الرئيس سيعلن تنحيه فى هذا الخطاب، مطالبين بالبقاء فى الميدان وإعادة «نصب الخيام»، داعين إلى «عصيان مدنى».
وناشد متظاهرون الجيش التدخل، وقالوا إن عليه الاختيار ما بين «الشعب» أو «النظام» مرددين هتافات «الجيش والشعب.. إيد واحدة».
واعتبر متظاهرون خروج عمر سليمان، نائب الرئيس، لإلقاء بيان عقب خطاب الرئيس «مجرد تمثيلية رديئة» تهدف إلى «محاربة» الشعب نفسياً.