لقد ظن العالم، بل المصريون أنفسهم، أن الشعب المصرى قد مات ولن يبعث إلا يوم الحشر، وإذا برياح عاتية تهب عليه يوم ٢٥ يناير ٢٠١١، هذا اليوم الذى حُفر فى ذاكرة التاريخ فاندفع شباب هذا الشعب العظيم إلى ميدان التحرير فى القاهرة وفى الإسكندرية والسويس يطالبون بإصلاح النظام السياسى والقضاء على الفساد الذى زكم الأنوف ولم يكن يتوقع أمهر المحللين السياسيين أن تزلزل هذه المظاهرات أركان النظام فى مصر الذى سعى إلى إحداث تغييرات جذرية، منها إعلان الرئيس مبارك عدم ترشحه لفترة رئاسية مقبلة وعدم ترشيح ابنه جمال، وقبول استقالة هيئة مكتب الحزب الوطنى ومنع عدد من الشخصيات البارزة فى الحزب من السفر والتحفظ على أموالهم مثل أحمد عز وغيره من الوزراء مثل المغربى وجرانة وإقالة وزير الداخلية حبيب العادلى، وتعيين عمر سليمان نائباً للرئيس مبارك وأحمد شفيق رئيساً للوزراء.
كل هذه الأحداث خلال أيام قليلة من مظاهرات الشباب الذين نادوا بعد ذلك بإسقاط النظام بعد أن تحولت المظاهرات السلمية فى ميدان التحرير إلى بحور من الدم ووقوع قتلى وجرحى بين المتظاهرين.
أصبح المشهد خطيراً، وزاده خطورة تخاذل رجال الشرطة وعدم تواجدهم فى أماكنهم وهروب المساجين والمعتقلين فى وقت واحد من سجنى الفيوم ووادى النطرون، وأصبح المجتمع مهدداً من البلطجية والمجرمين، ولكن هذه الأزمة الخطيرة أفرزت نموذجاً فريداً من اللجان الشعبية التى أنابت عن الشرطة فى حفظ الأمن وتسيير المرور والدفاع عن المؤسسات والنساء والأطفال فكانت ملحمة مشرفة يفخر بها كل مصرى.
وينزل الجيش المصرى إلى شوارع مصر لكى يحفظ لها أمنها ويبعث الطمأنينة فى قلوب المصريين، وليس غريباً على رجال القوات المسلحة هذا الموقف العظيم، وأتذكر كلمات الزعيم الراحل أنور السادات أنه أصبح لدينا درع وسيف، ناعتاً رجال القوات المسلحة، وأضيف إلى هذا المشهد جموع هذا الشعب العظيم الأصيل الذى أثبت للعالم أنه صاحب قرار التغيير.