لم يعد مسجد عمر مكرم، القابع فى قلب ميدان التحرير قبلة المشاهير والشخصيات العامة، إذ تحول بفضل ثورة ٢٥ يناير، إلى قبلة لشريحة أخرى من البشر، تظاهروا من أجل «عيش وحرية وعدالة اجتماعية».
١٣ يوماً لم يغادر الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب المسجد، موقعه داخل المسجد، تارة بحكم عمله فى الحفاظ عليه من أى اعتداء أو تخريب، وتارة أخرى بحكم دوره كإمام وخطيب ينفع من حوله بكلمة أو قول حسن.
الشيخ مظهر قال فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «إن مصر تمر بفترة صعبة، من موقعى فى قلب الحدث تابعت عن قرب بداية الثورة وتطوراتها، ولم يكن لنا خيار سوى فتح المسجد أمام المتظاهرين الهاربين من قنابل الأمن فى بداية الثورة، واللاجئين للاحتماء به فى أيام البرد الشديد التى قضاها المتظاهرون فى العراء، من أجل تحقيق مطالبهم».
وأضاف: «المسجد مفتوح لاستقبال الناس، ويقدم خدمات طبية فضلاً عن أنه المكان الوحيد، المتاح به استخدام الحمامات للمتظاهرين»، وتابع: «اضطررنا لتقديم هذه الخدمة لتكوين لجان شعبية من المتظاهرين أنفسهم، تتولى تفتيش رواد المسجد الراغبين فى استخدام حماماته، حيث يتردد علينا ما يقرب من ألف شخص يومياً، خاصة بعد اكتشاف قنابل داخل المسجد».
واستطرد: «التفتيش أسفر عن اكتشاف ٣ قنابل منها قنبلة تم اكتشافها الخميس الماضى، بجوار المسجد فى حقيبة يد، ويقال إنها فى حجم القنبلة التى تم استخدامها فى تفجير كنيسة (القديسين) بالإسكندرية وكانت بتوقيت محدد، واثنتين آخريين تم اكتشافهما السبت الماضى، فضلاً عن ضبط اللجان الشعبية نحو ١٠٠ سكين وسلاح أبيض و٤ أعيرة نارية، و٤ زجاجات بها مواد حارقة، وكل ما نعثر عليه نسلمه للجيش».
وتابع: «إن محاولات التفجير هذه لا يقصد بها المسجد نفسه، لكن هدفها الوحيد هو إحداث الفوضى والوقيعة بين المتظاهرين والنظام، أو عودة نغمة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين».
وقال: «كنت إماماً وخطيباً لخطبة جمعة الرحيل» ليس بوصفى إمام وخطيب المسجد، لكن بصفتى أحد هؤلاء الشباب الذين أرادوا التغيير وتحقق على يديهم، ووسط هذه الحشود ألقيت خطبة الجمعة فى الميدان وليس فى عمر مكرم، بصفتى واحداً من الناس، وميدان التحرير ليس ملكاً لأحد فهو مكان عام، ووضعت فى الخطبة النقاط على الحروف».
وأوضح الشيخ: «طالبت بالمطالب التى نادى بها الشباب وباتوا من أجلها على الرصيف، وركزت على أنها ثورة الشباب المسلمين والمسيحيين وليست ثورة حزب معين، وأعلنت رفض هؤلاء الشباب لأى تدخل أجنبى فى شؤوننا، ومنذ إلقائى الخطبة لم أتلق أى توجيهات من وزارة الأوقاف، بالعكس وزير الأوقاف تعاطف مع مطالب هؤلاء الشباب».
وأكد الشيخ «مظهر» تعاطفه البالغ مع خطاب الرئيس مبارك الأخير، وقال: «شعرت أن لهذا الرجل إيجابيات كثيرة، ولا أنكر أننى بداخلى تعاطفت معه، لكن تعاطفى ذهب مع ما حدث فى اليوم التالى للخطاب عندما وجدت خيول مؤيديه تدهس المتظاهرين، فقد أفسد هؤلاء وقع خطاب الرئيس، وأدوا إلى نتيجة عكسية».
وأضاف: «حصلنا على ٧ مكاسب من عجائب الدنيا فى مصر، وهى تعيين نائب لرئيس الجمهورية وتعديل بعض مواد الدستور ونهاية زمن أحمد عز وانتهاء قضية التوريث وحل البرلمان، عن طريق قبول الطعون المقدمة فى نوابه، وتعيين حكومة جديدة، وعدم ترشيح الرئيس مرة أخرى، وهذه مطالب لم نكن نحلم بتحقيق ثلاثة منها طوال ١٠ سنوات لكننا لم نشعر بها لأنها لم تأت دفعة واحدة، مما زاد من طموح الناس، ودفعهم للمطالبة بإقالة الرئيس، وإذا جاءت هذه المكاسب دفعة واحدة فى خطاب الرئيس مبارك لما حدث هذا».
وأكد أنه يقع فى حيرة كلما سمع مطالب الشباب برحيل الرئيس إذ يشعر أنها الحل الوحيد، وعندما يسمع فقهاء القانون والسياسة يشرحون خطورة رحيله على انتقال السلطة يشعر بأن كلامهم هو الحل الأمثل، وقال: «للأسف تحولت الثورة فى جانب منها إلى ثأر شخصى بين الناس والرئيس مبارك وهذا شىء محزن لأن الناس نسيت مصر».
وتابع الشيخ مظهر أن عمله كإمام وخطيب مسجد، لا يضمن له مهمة إقناع المتظاهرين، وقال: «لا أحد يتوقع ما يجرى فى الدقيقة المقبلة، حتى خطبة الجمعة المحددة سلفاً تتغير حسب الأحداث، بل حسب اللحظة التى تسبق صعودى إلى المنبر مباشرة، لأن الظروف تتغير من حين لآخر، والله أعلم الجمعة الجاية هيبقى فيها إيه».
ووصف ميدان التحرير، قبل ٢٥ يناير بأنه: «أناس يمشون بأجسادهم»، أما بعد ٢٥ يناير فيراهم «أفكاراً حرة وأجساداً محبوسة فى الميدان»، وقال إن مسجد عمر مكرم قبل ٢٥ يناير كان مسجداً لأداء الصلاة، أما بعد الثورة فقد تحول إلى «بيت ومستشفى وقسم شرطة ومنبر للشارع المصرى».
وطالب الشيخ «مظهر» المتظاهرين بتقديم بعض التنازلات، وقال: «إذا استلزم الأمر التنازل عن بعض المطالب، فلا مانع طالما أن مصلحة البلد تقتضى هذا»، وأضاف: «بصراحة أرى أن الرئيس مبارك تنازل عن كثير من الأمور التى لم نتخيل أنها يمكن أن تحدث، ولا أحد يتصور أن يتنازل شخص عن حقوقه ١٠٠٪، وآخر يفرض كل شروطه ١٠٠٪».
الثلاثاء فبراير 08, 2011 8:19 am
