لا توجد إشارة إلى أن الرئيس مبارك سوف يغادر أو يرحل.. الرئيس قاعد.. مش هيمشى.. يرفع شعار «إنت امشى».. الرسالة التى يوجهها النظام الآن واحدة تقريباً.. سواء التى أطلقها عمر سليمان، نائب الرئيس، أو الفريق شفيق، رئيس الوزراء.. يقول نائب الرئيس: لن نقدم للمتظاهرين الآن أكثر من تعهدات الرئيس.. ومبارك لن يغادر على طريقة «بن على».. انتهى!
لازم نكون عارفين الحكاية بالضبط.. حتى نستطيع معرفة آخر تطورات الموقف، فى قصر الرئاسة.. لا الرئيس سوف يترك الحكم، ولا المحيطون به لديهم أكثر.. مسألة التنحى يراها الفريق شفيق أنها تمت فعلاً.. باعتبار أن الرئيس لن يترشح للانتخابات القادمة، فى سبتمبر المقبل.. هذه مسألة أكد عليها نائب رئيس الجمهورية.. وكلاهما قالا: هذه ليست أخلاقيات المصريين!
ويمكن أن تلاحظوا أن نغمة الرحيل تراجعت إعلامياً، حتى فى الفضائيات الخاصة.. لا أقول إن تعليمات صدرت للفضائيات.. يمكن أن نقول «هناك اتصالات مضمونها أن مصر تتعرض للخطر».. وهذه الجملة تكفى كى تتراجع أصوات، علت فى الأيام الماضية تطالب بالرحيل.. لا نقول «تهديدات ولكن اتصالات».. سموها كيف شئتم.. والآن لجان الحكماء والأحزاب يتجهون الاتجاه نفسه!
لاشك أن الرهان داخل النظام كان على عامل الوقت.. أجرى عدة مشاورات هنا وهناك.. استقطب خلالها رموزاً، وأغرى خلالها آخرين.. وجنّد خلالها إعلاماً.. وانتهت جمعة الرحيل بنفس السيناريو، الذى أراده النظام.. هتافات والسلام داخل الميادين.. خاصة ميدان التحرير.. ومر اليوم هادئاً، بعده التقى الرئيس مبارك، فى اليوم التالى «أمس» بمجموعة وزارية.. يعنى لا رحيل ولا شىء!
هو رد رئاسى عملى يحميه الجيش طبعاً.. فى مواجهة الذين رفعوا شعار «هوه يمشى.. مش هنمشى».. كان الرد الرئاسى يقول: «مش هيمشى.. إنت امشى».. هكذا ببساطة شديدة.. وكانت رسالة واضحة للعالم كله.. أنه ما زال يدير.. ومازال يصدر التكليفات والتعليمات.. ومازال الوزراء يتحدثون عن تكليفات السيد الرئيس.. هذا هو المعنى الأهم، لاجتماع الرئيس أمس.. بعيداً عن الموضوع نفسه!
قبل هذا الاجتماع سمعت عمر سليمان فى مناسبتين، وسمعت أحمد شفيق فى مقابلات تليفزيونية عديدة.. فهمت أن القرار النهائى للرئيس والذين معه، أن مبارك لن يغادر.. الكتالوج التونسى غير قابل للتطبيق، بحذافيره فى مصر.. على حد تعبير الفريق شفيق.. وعندما سئل عن المتظاهرين فى ميدان التحرير قال: يقعدوا.. وزاد أيضاً: ممكن نبعت لهم بونبون وعيش وحلاوة كمان!
الأمريكان اطمأنوا على اتفاقية السلام مع إسرائيل.. وقال سليمان: «نعم ستكون هناك اتفاقية سلام.. وسنحافظ عليها بشدة ولن ننتهكها أبداً».. وهكذا تبددت مخاوف واشنطن وتل أبيب.. ولم تعد توجد مشكلة.. الموقف يتراجع داخلياً وخارجياً.. كلينتون ناقشت الأمر مع عمر سليمان.. لكنها لم تطلب أن يتنحى الرئيس مبارك الآن.. لأنه أبلغها بأن هناك عملية تجرى، وفى نهايتها سيغادر الرئيس!
أخطر ما يخيفنى فى هذا الاتجاه، أن الفريق شفيق تحدث بشكل عابر، عن استفتاء على الرحيل.. كما أن النائب عمر سليمان قال: إن المطالبين بالرحيل قلة من الشعب.. وهذا مبعث القلق.. فلا نضمن حكاية الاستفتاء هذه، فى أى مرحلة من المراحل.. فلا يمشى الرئيس الآن.. ونحن الذين نمشى من ميدان التحرير.. ومن مصر كلها.. ليبقى الرئيس!