قال مسؤولون أمريكيون إن ما يتردد عن ثروة الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك مبالغ فيه، وأن ثروة عائلته تتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات دولار فقط. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى نسختها الإلكترونية عن هؤلاء المسؤولين تأكيدهم بأن التقديرات التى أثيرت بشأن ثروة عائلة مبارك متفاوتة بشكل كبير، وثمة «شائعة» انتشرت على نطاق واسع بأن تلك الثروة تقدر بـ٧٠ مليار دولار.
ورأت الصحيفة أن مظاهر الثراء المبالغ فيه لم تتضح على مبارك وعائلته خلال فترة حكمه التى امتدت نحو ٣٠ عاما، مقارنة بزعماء آخرين فى منطقة الشرق الأوسط.
وتتبعت الصحيفة موقف جمال، نجل مبارك الأصغر، المالى أيضا، مشيرة إلى انضمامه إلى أكبر بنك استثمارى فى مصر وانخراطه فى الاقتصاد المصرى عبر مصالح فى العديد من المجالات «من النفط إلى الزراعة والسياحة» بعد تركه منصبه كتنفيذى فى «بنك أوف أمريكا» فى لندن منتصف تسعينيات القرن الماضى.
وأضافت نيويورك تايمز أنه بينما لا يوجد مؤشر على تورط جمال مبارك فى ممارسات غير قانونية، إلا أن استثماراته توضح كيفية تغلغل العائلة فى اقتصاد مصر.
كان مسؤولون سويسريون أمروا، بعد ساعات من تخلى مبارك عن السلطة يوم الجمعة الماضى، جميع البنوك هناك بتجميد أى أصول محتملة تخص الرئيس السابق وعائلته والمقربين منه.
ونقلت الصحيفة عن خبراء أن الأموال ستعاد إلى مصر فى حالة طلب الحكومة الجديدة ذلك رسمياً.
وقال دانيل ثيليسكلاف، مدير المركز الدولى لاستعادة الأصول فى سويسرا: «لابد أن تجرى مصر تحقيقاً جنائياً»، مشيراً إلى أنه سيعتمد الكثير على الحكومة المصرية الجديدة.
وتلقت البنوك العاملة بالسوق المحلية خطابات رسمية من البنك المركزى بالتحفظ على الأرصدة المصرفية لعدد من المسؤولين والوزراء السابقين ورجال الأعمال لحين انتهاء التحقيقات التى يجريها مكتب النائب العام وجهات التحقيق المختصة.
وأشار رؤساء بنوك مصرية فى تصريحات خاصة الى أن الأيام التى سبقت ذروة الأزمة، شهدت عمليات تحويل من الحسابات المصرفية لعدد من رجال الأعمال للخارج تحسباً لأى إجراءات قد يتم اتخاذها ضدهم مستقبلا، وأكدوا أن البنوك لا تستطيع منع العملاء من استرداد أموالهم أو سحبها وتحويلها للخارج إلا فى حالة الاشتباه بأنها غسل أموال أوتمويل للإرهاب، واسترداد هذه الأموال يحتاج حكما قضائيا.
وعن حجم حساباتهم فى البنوك، قال مصدر مصرفى بارز إن أرصدة رجال الأعمال بالبنوك المصرية «كلام فارغ»، إذا ما قورنت بأرصدتهم فى البنوك الخارجية، حسب وصفه، إلا أنه رفض الكشف عن حجم هذه الأموال التى تم حصرها بمعرفة النائب العام.
فى السياق نفسه قالت المصادر إن استرداد الأموال المجمدة لسياسيين أو رجال أعمال ووزراء سابقين ببنوك عالمية يتوقف على نتائج التحقيقات التى تجريها جهات التحقيق المختصة، وإصدار حكم قضائى نهائى بالتحفظ لوجود فساد أو شبهة استغلال منصب، وتكون الخطوة التالية هى إبلاغ البنوك العالمية والإنتربول الدولى بنتائج التحقيقات والتحفظ على هذه الأموال وردها.
وقال محمود عبداللطيف، رئيس بنك الإسكندرية، إن تجميد الأموال فى الأرصدة المصرفية لبعض الأسماء يتم بالتنسيق مع جهات التحقيق والبنك المركزى من خلال «قائمة سوداء» بالأسماء يتم توزيعها على البنوك ووحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزى.
وقال المستشار رجائى العربى، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، النائب العام الأسبق، إن إجراءات تجميد الأرصدة تحكمها الاتفاقيات الدولية، وتتم بالتنسيق مع النائب العام وجهات التحقيق التابعة وجهاز الإنتربول الدولى. وتجميد بعض الدول للأرصدة المصرفية المحتملة لبعض السياسيين إجراء احترازى حتى تحافظ البنوك على حقوقها لحين ثبوت اختلاس أو تزوير أو تربح.
وقال الدكتور محمد محسوب، عميد كلية الحقوق بجامعة المنوفية، عضو المجموعة المصرية القانونية لاسترداد أموال الشعب، إن هناك آليات دولية تعتمد على التحقق من مصادر الثروات غير المشروعة، ومخاطبة المؤسسات المالية العالمية والدولية التى تلتزم وفق التشريعات بتجميد هذه الأموال. وطالب محسوب بالتحقق من مصادر هذه الثروات وتجميدها احترازياً قبل إخفائها فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب تمهيدا لقيام المؤسسات المالية العالمية برد هذه الأموال الى مصر حال استقرار الدولة وانتهاء المرحلة الانتقالية.