أنا المصرى

رأينا كلنا كيف استطاع هؤلاء الشباب إعادة مصر إلى موقعها الطبيعى على خريطة العالم، كما اقتضت حقائق التاريخ، نعم إنه الشعب المصرى صاحب أول حضارة على وجه الأرض منذ سبعة آلاف سنة، نعم إنها مصر التى وهبها الله العزة والقوة على مر القرون، ومنذ آلاف السنين تقف شامخة مرفوعة الرأس دوماً، تهابها كل الشعوب والدول، مصر التى وهبها الله القوة لتنتصر على كل المستعمرين على مر الأزمان..

نعم إنها حقائق تتحدث عنها الجينات الوراثية ويؤكدها العلم، إنه المصرى الذى أعادت ثورة ٢٥ يناير صورته لنا جلية واضحة أمام الجميع، حين أذهل العالم كله وكسر حاجز الخوف والقلق والإحباط، أنه الإنسان «فكما تقول جميع نظريات علم النفس، إن الفرد يولد ولديه ميل فطرى لتحقيق الذات وهى قوى فعالة داخل كل فرد تناضل باستمرار من أجل تحقيق ذاته كإنسان،

وتعتبر تلك القوة حافزاً نحو النضج والاستقلال وهى تتمادى بقوة لتحقيق الكمال لدى الإنسان ولتحقيق ما لديه من طاقات وإمكانات، ولكنها تحتاج إلى أرض خصبة مثل النبات الذى يحتاج إلى الشمس والمطر لكى يحقق أقصى نمو له، كذلك الفرد يحتاج إلى المناخ الديمقراطى الذى ساعده على أن يشعر بالأمان والحرية الكاملة فى التعبير عن نفسه وبصورة واضحة وبأسلوبه الخاص، حتى يتمكن فى نهاية الأمر أن يحقق لنفسه الشعور بالأمن والكفاية والجدارة أى تحقيق ذاته كإنسان، وإذا عطل هذا الدافع بسبب الضغوط الخارجية من عالم الكبار يستمر هذا الدافع بصورة متزايدة مولداً لديه مزيداً من التوتر والإحباط والمرض النفسى..

وإذا نظرنا إلى هؤلاء الشباب نجد أنهم استطاعوا كسر حاجز الخوف والقلق من عالم الكبار لتحقيق ما لديهم من طاقات فكان أن سطروا وصنعوا تاريخاً لهذا الشعب، محققين فى ١٠ أيام ما لم يتحقق خلال ثلاثين عاماً من القهر والظلم والفساد، وذلك عندما هتفوا (إحنا جيل جديد.. إحنا مش عبيد)، هذا هو الإنسان عندما يكسر حاجز الخوف، ويكون قادراً على تحقيق ذاته، شرط أن يستشعر الاهتمام والاحترام والثقة من المحيطين، لأنه إنسان له الحق فى أن تحترم مشاعره وأفكاره وتوجهاته دون أن نفرض أو نملى عليه آراء معينة.

وفى النهاية إنى لأتساءل كيف استطاعت الحكومات المتعاقبة على مدى العقود السابقة أن تهدر تلك الطاقات الشبابية، ولم تستفد منها فى بناء الوطن فى مجالات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا حتى بتنا نستورد كل شىء حتى غداءنا نستورد ٩٠٪ من الخارج، وبالتالى أصبحنا نعيش عالة على المعونات الخارجية التى تتحكم فى رقاب العباد، أيضاً أصبحنا نردد أن أولادنا وشبابنا ينفق ١٠٠ مليار جنيه سنوياً على الإدمان والحديث فى الموبايلات.. كيف فقدنا الثقة فى شبابنا.. كيف؟ سؤال يحتاج إلى إجابة شافية!!