اتفق العديد من أئمة وخطباء المساجد فى مختلف أنحاء الجمهورية أمس على دعوة المواطنين إلى الهدوء والحفاظ على استقرار وأمن مصر وجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، بينما دعا البعض الآخر إلى الاستمرار فى التظاهرات حتى تتحقق المطالب العادلة للمواطنين، وأدى جموع المصلين فى المساجد صلاة الغائب عقب انتهاء صلاة الجمعة على أرواح الشهداء فى مظاهرات ميدان التحرير ومحافظات الجمهورية.
وفى الجامع الأزهر دعا الشيخ صلاح نصار، إمام وخطيب المسجد، جموع المتظاهرين فى ميدان التحرير وفى مختلف مناطق الجمهورية إلى الثقة الكاملة فى القوات المسلحة التى أعلنت التزامها بإلغاء العمل بقانون الطوارئ عقب استقرار الأوضاع وعودة الهدوء إلى البلاد، وأدى جموع المصلين فى الجامع الأزهر صلاة الغائب، عقب انتهاء صلاة الجمعة، على أرواح الشهداء فى مظاهرات ميدان التحرير ومختلف المحافظات.
وأشاد نصار بالبيانات الصادرة عن القوات المسلحة التى تدعو إلى الحفاظ على الاستقرار فى البلاد وعدم ملاحقة المتظاهرين وجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، موضحاً أن مصر بلد الأمن وكنانة الله فى الأرض لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مصر كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قسمه الله).
وفى مسجد عمر مكرم فى قلب ميدان التحرير جاءت خطبة الجمعة قوية ومؤثرة من جانب خطيب المسجد الذى يساند المتظاهرين منذ اليوم الأول للانتفاضة الشعبية كما جاءت موحدة مع أغلب تجمعات المتظاهرين فى قلب الميدان حيث صلوا وراء خطيب الجامع الذى حرص خلال الخطبة على دعوة المتظاهرين للصمود وانتظار نصرالله تعالى.
كما دعا خطيب الجامع إلى نصرة المسلمين على اليهود وتحرير المسجد الأقصى وسط تردد أنباء عن وجود قوات أمريكية قبالة مدينة الإسماعيلية جاءت لتأمين إسرائيل من الأوضاع غير المستقرة حالياً فى مصر.
وركزت خطبة الجمعة فى مسجد عمرو بن العاص، على ضرورة التوحد بين المسلمين وأن يعتصموا بحبل الله تعالى ولا يتفرقوا، ولا يسمحوا لأى عناصر خارجية بالتدخل فى شؤونهم الداخلية وضرورة التمسك والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله.
وحذر الدكتور إسماعيل الدفتار فى خطبة الجمعة المسلمين من الوقوع فى الفتنة قائلاً: «نستقبل هذه الأيام المباركة ذكرى مولد النبى الكريم وقد دخلت الأمة فى ظلال من الكروب والمشكلات، والرسول دعا المسلمين إلى الجماعة وحذرهم من الفرقة، واختتم الدفتار خطبته بالدعاء إلى الله تعالى أن يوفق رئيس الجمهورية إلى ما يحبه ويرضاه».
وعقب الصلاة وقعت مشاجرة بين الأهالى، عندما خرج مجموعة من المتظاهرين ينددون بخطاب الرئيس مبارك ويهتفون: «يسقط يسقط حسنى مبارك» حيث تدخلت إحدى السيدات قائلة: «خلاص ما هو تنحى»، مما جعل أحد الأفراد يطالب الناس بالتوجه إلى التحرير للتظاهر مردداً: «اللى عايز يتظاهر يروح التحرير».
وفى مسجد الفتح شدد إمام المسجد على ضرورة احترام الرأى الآخر مؤكداً أن الأئمة كانوا يتعاملون مع الرأى الآخر على أنه صواب يحتمل الخطأ والعكس، مشيراً إلى أن التخوين مرفوض ويجب التوقف عنه فوراً، حرصاً على مصر التى يتوقف صلاح بلادنا العربية على صلاحها، مشيراً إلى أن «الرجوع والإنابة إلى الله تعالى هما سر انكشاف الأزمة التى نحن بصددها، كما أن التمسك بسنة النبى صلى الله عليه وسلم مطلب مهم خاصة ونحن على أعتاب الاحتفال بذكرى مولده الكريم».
وفى مسجد الحسين شن الدكتور محمد عبدالمقصود، إمام المسجد هجوماً على المتظاهرين فى ميدان التحرير واصفاً إياهم بأنهم دعاة فتنة وأصحاب أطماع فى الدنيا قائلاً: الأمة تمر حالياً بما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطل المصالح وتخريب الديار، داعياً المصلين إلى الابتعاد عن المظاهرات خاصة مع قرب حلول المولد النبوى الشريف.
وفى مسجد مصطفى محمود بميدان المهندسين أكد الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الشريف الأسبق ضرورة الحفاظ على أمن مصر واستقرارها وطالب المتظاهرين بفض اعتصامهم والذهاب إلى منازلهم حتى تتحقق المطالب التى نادى بها جميع الشعب المصرى شبابه ورجاله ونساءه، مضيفاً: اصبروا على مطالبكم حتى تتحقق وإن لم تتحقق فالميدان ليس ببعيد، مشدداً على ضرورة حماية أمن مصر واستقرارها لأن هناك من يتربص بها.
وفى مسجد النور بالعباسية حذر الشيخ إمام المسجد فى خطبة الجمعة من استغلال التجار والمحتكرين للأوضاع فى مثل هذه الظروف التى تمر بها البلاد، داعياً الشباب أن يبدأوا بالتغيير من أنفسهم.
وفى محافظة الإسكندرية دعا خطباء المساجد جموع المصلين إلى مواصلة التظاهرات الرافضة لنظام الحكم بشكل وصفوه بـ«السلمى» لحين إسقاط النظام الذى وصفه الكثير منهم بـ«الظالم» وقال إمام أحد المساجد بمنطقة محطة الرمل، خلال خطبته: «إن الخروج على الحاكم لا يعد من الشريعة إلا أنه فى حالة الحاكم الظالم يعد واجباً شرعياً على كل مسلم».
ودعا الشيخ أحمد المحلاوى، المتظاهرين إلى عدم الخوف من النظام واستمرار الثورة حتى يتم تطهير البلاد ممن نهبوا ثروات الشعب وأحلامه قائلاً: «لا تخافوهم، فهم يخافونكم والنظام فى أضعف أحواله الآن فأحسنوا العودة إلى الله لكى تنتصروا عليه، مضيفاً: «على أى شىء تخافون؟ على آجالكم فهى بيد الله وحده وهم لا يملكون لأنفسهم شيئاً»، ودعا إمام أحد المساجد بمنطقة سيدى بشر الشباب إلى مواصلة التظاهر نحو تحقيق مطالبهم وطالب خطباء المساجد فى محافظات القليوبية والشرقية ودمياط المواطنين فى ميدان التحرير والشباب إلى الاستماع لصوت العقل والابتعاد عن الفتن التى تهدد مستقبل الوطن مطالبين المتظاهرين إلى ضرورة إعمال عقولهم ولو لدقيقة واحدة، وفى محافظة أسوان أدى المصلون صلاة الغائب فى المساجد عقب صلاة الجمعة على أرواح الشهداء، ووصف إمام مسجد الرفاعى بمدينة أسوان من كانوا يصفقون للمسؤولين فى النظام بأنهم منافقون ـ وأنهم فى الدرك الأسفل من النار.