ينما ذهب المهندس أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى، أكبر منتج لصناعة الحديد فى مصر، تطارده الاتهامات.. وأينما ذهب هو مشغول بالدفاع عن نفسه من هذه الاتهامات.
وحسب قول المهندس عز نفسه، فى ندوة عقدت بـ«الأهرام»، بأن الاتهامات جعلت منه المسؤول عن كل مشاكل مصر، ابتداء من ارتفاع أسعار الحديد، حتى نسبة العنوسة.
ومشكلة أحمد عز الحقيقية هى أن الناس لا تصدقه مهما تحدث، ومهما استخدم من حجج ومبررات وأسانيد.
وهناك فرق بين أن يعتقد الناس فى صحة كلامه من عدمه، وبين قدرته على التخاطب والتواصل مع الناس.
المهندس أحمد عز يرى فى نفسه أنه لا يحظى بالقبول، ولا يجيد
مخاطبة الناس، وهى نقطة ضعف عنده، لكنها ليست هى الأساس فى عدم تصديق الناس له.. فالصدق له مواصفات أخرى غير القبول.. فقد أكون مقبولاً لدى الناس، لكننى غير صادق فى مخاطبتهم.
وعندما تنشر صحيفة «المساء»، فى عدد أمس الأول، تصريحات منسوبة إلى المهندس أحمد عز يقول فيها إن ديونه للبنوك تقدر بثلاثة مليارات جنيه، وإنها لا تمثل سوى ثلث رأسماله فى شركة حديد عز وحدها، وليس فى جميع شركاته، فهذا يعنى أن رأسمال هذه الشركة فقط يقدر بتسعة مليارات جنيه، وهذا يطرح السؤال حول كم يقدر رأسمال جميع شركات أحمد عز إذن؟ هل يصل إلى عشرين أو إلى ثلاثين مليار جنيه؟ هذه هى النقطة المهمة التى تجعل الناس تفقد الثقة فى كلام أحمد عز، وتجعل الاتهامات تطارده، وتلاحقه أينما ذهب.. فلم يكن أحمد عز شيئا يذكر فى عام ١٩٩٠.
كان مجرد منتج صغير لصناعة الحديد، ولا يتعدى حجم إنتاجه ١٪ أو ٢% من سوق إنتاج الحديد، فإذا به يحتكر الآن ٦٧% من هذه الصناعة الاستراتيجية.
كيف استطاع أحمد عز أن يصل إلى هذه المكانة، وبأى وسيلة؟
هذا هو السؤال الذى لا يريد أحمد عز أن يجيب عنه، بينما شغل
نفسه، وشغلنا معه، بالإجابة عن تساؤلات أخرى.. مثل أنه أصبح
رئيسا لمجلس إدارة شركة الدخيلة للصلب فى عام ٢٠٠٠، أى قبل أن يصبح أمينا للتنظيم فى الحزب الوطنى، وقبل حصوله على عضوية البرلمان.
لا يكفى أن يقول أحمد عز هذا الدفاع، فيصدقه الناس، ولا يكفى أن ينفى استفادته من منصبه البارز فى الحزب الوطنى، أو اقترابه من الرؤوس الكبيرة بداخله، فيسلم الناس بصحة أقواله، ويقولون له: ولا الضالين.. آمين!
قد يقول أحمد عز عن نفسه إنه مواطن صالح، ويقوم بتسديد الضرائب المستحقة عليه، وإن مصانعه بها كذا ألف عامل، وإن هؤلاء العمال يتقاضون مئات الملايين من الجنيهات سنويا، لكنه لا يجيب عن سؤال أساسى: من أين لك هذا؟ وكيف تكونت هذه الإمبراطورية؟ والسؤال مشروع، لأن أحمد عز ليس مجرد رجل أعمال عادى.. فقد ارتضى أن يشتغل بالسياسة، وأن يلعب فى الدائرة الضيقة لعملية صنع القرار، بل وضع نفسه فى مكان «الوصيف» للرئيس القادم.. ولذلك ستظل الاتهامات تطارده، وتلاحقه أينما ذهب، وستظل الناس لا تصدقه، إلى أن يجيب عن الأسئلة التى لا يريد الاقتراب منها، والإجابة عنها.