هذه هى الحضارة الكامنة تحت جلودنا.. هذه هى عودة الروح فى جسد ظن العالم أنه قد مات! هذه هى جينات أحمس محرر مصر من الهكسوس تدب فى عروق الشباب.. هذه هى الـBIG BANG أو الانفجار العظيم.. لميلاد مصر من هذا الكون العظيم.. هذا هو الخلق الراقى والسلوك الحضارى.. زوجتى وأنا فى بحر بشرى كبير.. لا تحرش.. بل سلوك أبوى أخوى جميل.. واحد يقدم لنا البقسماط، والآخر.. التمر.. وآخر يقول لها: أظهرى الصليب! ويعرفنا بنفسه أحمد أسامة مختار!
وأخذت منى الـ«ديلى تليجراف» حديثاً.. قلت من ضمن ما قلت: الشىء العجيب أن الأمن ذاب واختفى فى أخطر لحظات مصر.. فكانت حضارة مصر ممثلة فى شبابها.. هى التى قامت بسد هذا الفراغ الأمنى الرهيب، ولكن الشىء الأعجب.. أن تفجير الكنائس وقتل المسيحيين.. كان على أشده فى وجود الحراسة والأمن، والآن فى غياب الحراسة والأمن.. تجد الكنائس والأقباط.. فى سلام!
ابتسم محرر الـ«ديلى تليجراف» وسأل: هل النظام مسؤول عن ذلك؟ قلت: إنه نظام احتلالى.. احتلال المصرى للمصرى.. وأول وسيلة من وسائل ترسيخ الاحتلال: فرق تسد!
مزقوا نسيجنا الاجتماعى.. جاء عبدالناصر.. خفض الإيجارات أصبح الملاك والسكان أعداء!.. الأرض الزراعية.. خصومات بين أصحاب الأرض والفلاح.. قوانين العمل.. أصبح صاحب العمل عبداً لمن يعمل عنده فتوقف الإنتاج.. ثم جاء السادات أطلق الإخوان والنعرات الدينية.. فتهرأ النسيج أكثر وأكثر.. وأخيراً جاء عصر مبارك.. فكان وبالاً وكارثة على الوحدة الوطنية.. والثروة القومية.. بل الكرامة الإنسانية!
كلهم أشرار.. ساكنو مصر وليسوا مصريين! تساعدهم دول شريرة مثلهم.. إسرائيل.. أمريكا.. إنجلترا.. لأنهم يخافون مصر! كنت أعجب من كلمات نابليون بونابرت: قل لى من يحكم مصر.. أقول لك من يحكم العالم! أسأل نفسى: وهل عصر مبارك الذى جعلنا ملطشة للعالم.. هو الذى يحكم العالم؟ عرفت اليوم أن شباب مصر هم القادرون على حكم مصر والعالم!
لم أحزن فى حياتى وأخجل من نفسى.. بقدر ما حزنت عند سماعى توجيهات البابا شنودة بعدم مشاركة الأقباط فى المظاهرات السلمية! وتحدثت إليه (٣.٣٠) مساء الأحد ٣٠ يناير أطلب منه أن يأمر بنزول عشرة من القساوسة للمظاهرات.. التى هى لتحرير مصر.. وقلت.. له حتى نكون مثل ثورة ١٩ حين كان سرجيوس يخطب فى الجامع الأزهر.. قال لى: حظر التجول بعد نصف ساعة.. قلت: حظر التجول غير سار.. وإذا لم يكن اليوم، فالغد قادم! قال: سأفكر فى ذلك! وانتظرت الغد ولم يظهر أحد.. قلت لنفسى: لماذا يا قداسة البابا.. من نام فى الميه لا يخاف المطر.. وإحنا نمنا فى الطين!
كتبت يوماً فى «الجارديان» وأنا فى إنجلترا: أن مجلس محافظة نيوكاسل إنما هو مجلس الإهمال لأسباب كذا وكذا.. انعقد مجلس المحافظة فى اليوم نفسه لمناقشة اتهامات الطبيب المصرى.. وتم الإصلاح فى ٢٤ ساعة، وفى ٨ يناير ٢٠١١ كتبت فى «المصرى اليوم» مقالة بعنوان: «ودخل التتار وذبحوه»، وهى عن آخر خلفاء العصر العباسى الثانى.. حين أحاط التتار ببغداد فأخذ يبكى ويقول: لهفى على ملك ضائع.. فنظر إليه وزيره شزراً وقال: من ترك الصغير حتى يكبر.. والقليل حتى يكثر.. وأجل عمل اليوم إلى غد.. استحق هذا وأكثر!.. ودخل التتار (مع الفارق اليوم) وذبحوه هو وكل من حوله!.. لماذا يستفيد الإنجليز من النقد، وهنا.. لا حياة لمن تنادى.. أو كلام كالرصاص وجتة نحاس.. كما يقولون! والحقيقة أن التفسير هو: PRIDE COMES BEFORE A FALL أى قبل السقوط يكون الكبرياء.. العناد.. تشامخ الروح.
وأخيراً.. جزمة فى حلق كل من يقول: شعب خانع.. لا يقول لا.. اللى يتجوز أمى أقول له يا عمى.. أو أرضها ذهب.. ورجالها لمن غلب.. لا.. وألف لا.. ثورات مصر ضد الآشوريين، الفرس، البطالمة.. الرومان.. العرب (البشموريين).. الأيوبيين.. حتى عرابى.. وسعد زغلول.. صفحات من نور.
شكراً لكم يا شباب مصر.. أعدتم لنا والعالم كله كرامتنا، وحضارتنا أم الحضارات.. ومصرنا أم الدنيا.. لا تقويم ميلادى ولا قبطى ولا هجرى ولا عبرى.. إنه التقويم المصرى الذى بدأ ٢٥ يناير لسنة ٦٢٥٢ مصرية.