يروى أن رجلاً سأل عنترة العبسى عن سر قوته، فطلب عنترة من السائل أن «يعض» كل منهما إصبع الآخر فى نفس الوقت، وصار كل منهما يزيد من قوة عضته حتى صاح الرجل متوجعاً، فقال عنترة: «هكذا غلبة الفوارس.. أى بالصبر».
وهكذا وضع المعتصمون فى ميدان التحرير، فمعركتهم مع «البلطجية والفاشيين»، لن تحسمها القوة، وإنما الصبر.
والمعتصمون فى الميدان، والقائمون على النظام الحاكم فى مصر يدركون هذا الأمر، إلا أن المعتصمين، على عكس ما يشاع عن «طيش الشباب»، أحسوا تعريف الصبر، فى حين أن رجال النظام رغم ما يقال عن «حكمة الشيوخ»، ظنوا أن «التجاهل» صبر، و«التأخر» تأن.
شاهدنا الرجل الأول فى النظام وهو يتجاهل مطالب الإصلاح ثلاثين عاماً، ويتجاهل ارتفاع حدة المطالبات حتى أوشكت الأمور على الانفجار، فخرج علينا «متأخراً»، بعد أربعة أيام من بدء «مظاهرات الغضب»، ليقول ما لو أعلنه فى اليوم الأول لهدأت الأمور.
ثم شاهدناه، متأخراً، للمرة الثانية، وهو يطلب - تحت ضغط العاطفة - فرصة أخيرة، فتأثر الكثيرون وقرروا منحه هذه الفرصة، إلا أن رجاله، ولا أبرئه مما فعلوا، اغتالوا الفرصة الأخيرة، وانقضوا على الصابرين فى التحرير، بعد ليلة واحدة من الخطاب المؤثر، محاولين البطش بهم، فى رهان أخير خاسر، على قوة احتمالهم.
إن النظام الذى لم يتحمل جلوس الشباب، مجرد جلوسهم، فى ميدان التحرير، أسبوعاً واحداً، فحاول البطش بهم، لا يدرك القائمون عليه أنهم بهذا البطش أعلنوا عن خسارتهم معركة الصبر.. وخسارة المعركة كلها.
الجمعة فبراير 04, 2011 6:53 am
